الزيارات:
هارب من سجن داعش يكشف مفاجآت
الزيارات:
هارب من سجن داعش يكشف مفاجآت

شهدت الأسابيع القليلة الماضية حملات اعتقال وقتل للإيزيديين في سنجار
ومناطق سهل نينوى من قبل مسلحي «داعش» الذين سيطروا مع بداية الشهر الحالي
على هذه المناطق بعد معارك ضارية مع قوات البيشمركة. جليل إلياس، مواطن
إيزيدي يبلغ من العمر 70 عاما، كان واحدا من الذين اعتقلهم «داعش» بعد أن
سيطر على قريته جنوب غربي سنجار. لكن جليل استطاع أخيرا أن يفلت من سجن
«داعش» بعد أن قضى فيه أكثر من تسعة أيام. «الشرق الأوسط» استمعت إلى
المواطن الإيزيدي وهو يروي قصة اعتقاله ومن ثم هروبه. يقول إلياس: «بعد أن
سيطر داعش على قريتي زرافيك التي تقع جنوب غربي سنجار، هرب كل أفراد عائلتي
نحو جبل سنجار، أما أنا فأخذت سيارتي وتوجهت إلى سنجار ظنا مني بأنها لم
تسقط بعد، لكن بعد سماعي بخبر سقوط سنجار وأنا في الطريق توجهت إلى إحدى
العشائر العربية القريبة لأحتمي عندها حتى توفر فرصة الهرب إلى كردستان،
لكني تفاجأت بأن أفراد هذه القبيلة يريدون قتلي وأخذوا سيارتي وكل ما كنت
أحمل من أموال ووثائق ثبوتية، حتى هاتفي الجوال أخذوه مني وأبرحوني ضربا ثم
وثقوا يدي وسلموني لمسلحي (داعش)». ويمضي قائلا: «أخذني المسلحون في
البداية مع عدد كبير من الإيزيديين المعتقلين في شاحنات إلى ناحية بعاج حيث
بقينا أربعة أيام، ثم نقلونا إلى مجمع (تل البنات)، جنوب غربي سنجار.
كانوا يأتون إلينا يوميا ويطلبون منا أن نعتنق الإسلام وفي كل يوم كنا نقول
لهم سنفعل ذلك غدا». وحول ظروف اعتقالهم في المجمع، يوضح إلياس «كان
الطعام والماء قليلين جدا وكنا نتناول وجبة واحدة في اليوم يقدمها لنا أحد
الحراس. كنا 86 شخصا في غرفة واحدة مرميين الواحد فوق الآخر، مع انعدام
الكهرباء وحرارة الجو العالية». ويضيف «بقيت في السجن تسعة أيام، وكانت
هناك أعداد كبيرة من النساء المعتقلات في غرف أخرى، وذات يوم جاءوا وأخذوا
كافة النساء والفتيات والأطفال وقالوا: إنهم سيأخذونهم إلى بيوت خاصة في
بعاج، لكنهم كذبوا علينا لأننا فيما بعد سمعناهم يقولون: إنهم أخذوا النساء
والفتيات إلى الموصل». وتابع: «فصلوا النساء الكبيرات في السن عن الفتيات
والنساء الشابات والأطفال، كل مجموعة حسب العمر، ثم أخبرونا أنهم قتلوا
كافة النساء الكبيرات وأخذوا الباقيات إلى الموصل وتلعفر». وتحدث إلياس عن
مقابلته لـ«والي الموصل» في تنظيم «داعش» الذي زار السجن في أحد الأيام،
وقال: «أخرجونا في أحد الأيام إلى ساحة وطلبوا منا الوقوف في صف. كنا نظن
أنهم سيقتلوننا، إلا أنهم أبلغونا أن (والي الموصل) سيأتي إلى السجن، وبعد
ساعات من الانتظار وصل رجل ملتح متوسط القامة ومعه عدد من المسلحين
الملثمين. هذا الرجل كان (الوالي). طلب منا أن نعتنق الإسلام وأن نطلب من
عوائلنا أن يعودوا إلى سنجار. تقدمت نحو الوالي لأتحدث إليه، فدفعني أحد
مرافقيه وطلب مني أن أبتعد وإلا سيقتلني (الوالي)، لكنني تقدمت وناديته: أي
دين يجيز فصل النساء عن عائلاتهن. رد علي مسلح بلهجة أهل الموصل وقال:
سنعيدهن غدا إلى مجمع (تل البنات)، لكن هذا لم يحصل». ويشير إلياس إلى أن
المسلحين الذين اعتقلوهم وكانوا يحرسون السجن «كلهم من العرب العراقيين
وكانوا معروفين لنا فهم من العرب الذين يسكنون القرى القريبة من سنجار،
والبعض منهم كان يشتري من بستاني في زرافيك الفواكه والخضراوات وأنا أعرف
كل هؤلاء معرفة جيدة، خاطبتهم لمرات كثيرة وكنت أسألهم: ألست فلانا أخا
فلان؟ لكنهم كانوا ينفون». ويمضي إلياس قائلا: «في آخر يوم لي في السجن،
طلب منا مسؤول السجن أن نعيد عوائلنا من الجبل، ووعدنا بأننا إذا أعدناهم
إلى سنجار سيعطون لكل عائلة منزلا في مجمع (تل البنات) من منازل الشيعة
الهاربين من المنطقة. طلبت من المسؤول أن يطلق سراحي لأعيد عائلتي. في
البداية لم يرد ولكن بعد حين قال لي: اذهب وأعد عائلتك. ركبت أنا وثمانية
رجال آخرون إحدى سياراتهم. أنزلونا في منطقة (قراج) جنوب شرقي الموصل،
وذهبوا. توجهنا إلى أربيل ومنها إلى دهوك وأنقذنا الله من هؤلاء. لا أصدق
أني خرجت من ذلك السجن. أنا لا أعلم سبب إطلاق سراحنا، وهل كبر سننا شفع
لنا. لا أدري؟»
الفجر
